لا أعرف لماذا يتنرفز السادة المسؤولون حينما أقلق راحتهم في ساعة متأخرة من الليل لسؤال اريد به أن أنهي أحد تقاريري أو تحقيقاتي الصحفية فحسب علمي فإن جل ما يفعلونه هو الكلام ولا شيء غيره، وحتى هذا الجهد الذي يبذلونه فهم لا يفعلونه كما باقي أبناء الشعب الذين يقضون شطراً كبيراً من أوقاتهم المختلفة في الثرثرة سواء في المقاهي، في المؤسسات الحكومية وحتى في منازلهم وسط صيف العراق الحار الرطب ودون كهرباء -حالياً حتى دون ماء صالح للشرب- ووسط نسب البطالة المرتفعة دون أن يحظوا بأمل حقيقي فالحكومة أعانها الله منشغلة بأحاديث تقاسم السلطة والمحاصصة الطائفية والعرقية وغيرها من المسائل التي تتم المزايدة بها دائماً باسم الشعب.
الكل ينتقد العراق والشعب العراقي لقبولهم بما يدعى الاحتلال لأنهم لا يعلمون أن هذه الجدلية السخيفة هي اتفه مشاكل العراق بل أنها أقدم ورقة لعبت عليها كل القوى السياسية في شتى أنحاء العالم وعبر مختلف حقب التأريخ وهي الذريعة نفسها التي طالم استخدمت لتصفية الآخر مهما كانت صفته، بيد أن هؤلاء لا يفهمون قضية مهمة أن مشكلة هذا الوطن هو ثرواته وسياسييه. لا أشكك في وطنية أي من الساسة العراقيين فهذه أيضاً قضية مطروحة للمزايدة دوما،ً ولكن مصيبتنا في هذا الوطن تكمن في أن سياسييه لا يفكرون أبداً في غير مصالحهم الشخصية وكيفية إرضاء غرورهم والتعويض عن عقد نقصهم وارضاء طموحاتهم وتهيئة مستقبل جيد لأبنائهم أما أبناء عامة الشعب - ومعذرة يا أبناء وطني- فليذهبوا إلى الجحيم، إذ إن معنى وجودنا في هذا الكون هو أن يتمكن السادة المسؤولون في بلادنا من النوم في غير ما إزعاج لا من الشعب ولا من الصحافة وليذهب كل من لاي يعجبه هذا الأمر إلى حيث يريد فلا سلطة تراقب ولا مسؤول يحاسب.
نعم كلما أتصلت بالسادة المسؤولون قاموا بالتهرب مني، وكلما حاولت فهم موضوع منهم تذرعوا بالاجتماعات والمقابلات و ال... وووو إلى ما لا نهاية له من الهراء. بعضهم لم استطع منذ تسنمه المنصب حتى هذه اللحظة أن أحصل منه على كلمة واحدة أو جملة مفيدة، بعضهم حالما يسمع صوتي يحيل بهاتفه النقال إلى أحد مرافقيه، بعضهم خصص جل تصريحاته لقنوات معينة ويقال -والعهدة على القائل- أنه يتقاضى مقابلها رشى عالية والحمد لله على نزاهة السادة الشرفاء. بعضهم يتهمني -وياللسخرية- بالعمالة والبعثية والتواطؤ ضد الوطن بالتحريض على العنف!!!؟ لمجرد أنني سألته مجموعة أسئلة أحرجته ووضعته في مأزق حرج أمام الصحفيين المحيطين به.
بعض المسؤولين أحاط نفسه بدروع بشرية من الحرس والحمايات الخاصة والمرافقين بحيث أنك تحتاج إلى جهد استثنائي لاختراق صفوفهم وصولاً إلى سيادته! لذلك فالحقيقة غائبة في العراق وتنتحر في كل يوم مئة الف مرة لأنها غير قادرة على البزوغ بسبب كذب وهراء المسؤولين تارة وأخرى بسبب خوفهم وحرصهم على مناصبهم وتوافقاتهم ونفاقهم، مرة بسبب حرصهم على الحصول على أكبر قدر ممكن من المكتسبات الشخصية وثانية بسبب عدم اكتراثهم بقضايا المطحونين برحى الغلاء الفاحش وصعوبات الحياة في أوطانهم والمحترقين بلهيب الاهمال والسرقات والنهب المنظم والعشوائي للثروات.
وفوق كل هذا تطل بعض الوجوه البغيضة بين تارة وأخرى من على شاشات القنوات لتتكلم عن الاعلام العميل والمحرض على العنف والأرهاب والطائفية والحقد والعنصرية وكل التسميات المريعة الأخرى لماذا لأن تلك الصحيفة أو القناة أو الشبكة أو الوكالة نشرت تقريراً أحادي الجانب ولم تأخذ فيه برأي الحكومة العراقية لكن السيد المسؤول لم يند جبينه بقطرة حياء وخجل لتواتيه لحظة شجاعة وشرف بأن يقف ويعترف بأنه لم يستطع مغالبة نومه السلطاني ليقوم بابسط واتفه واجب من واجباته الا وهو الدفاع عن الحكومة التي هو عضو فيها.
أن كل الدماء التي نزفت على هذه الأرض من أجل أن تنتصر إرادة الشعب الذي أراد الحياة على طغيان الدكتاتوريات والحكومات المستبدة ضاعت سدى على هذه الوجوه المفرغة من أي من معاني الاحترام لجموع الجماهير التي خرجت متحدية الموت لترفع على أكتافها سراقها وقتلتها.
أعلم أن البعض سيقول بأنني لم تواتني الشجاعة لذكر اسمي أو أنني متحامل على الحكومة كما أعلم أن بعض هؤلاء الذين يقودهم حقد طائفي أعمى أو بغض لما هو ليس بعثياً أو عروبياً سيستغل هذه المناسبة للتنفيس عن أحقاده تجاه الحكومة العراقية ولكنني أكتب ما أكتب في كل الأحوال لا حقداً على الأول ولا دفاعاً عن الثاني ذلك أنني أفعله سخطاً وغضباً على أولئك الذين يضيعون في لحظة واحدة كل ما قاتلنا وقتلنا وتشردنا وهجرنا وضيعنا عمرنا وأعمار من سبقنا ومن سيلينا لأجله.
نعم أن العراق كان وما يزال وسيظل واحداً من أعظم الشعوب والحضارات والأمم التي عرفتها الأنسانية التي حتى لو جردتها من كل ثرواتها فلن ينتقص ذلك من عظمتها شيئاً ولكن يظل علينا أن نعمل لنستحق ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا لا أن نلوك حشيشة الاتكالية.
الأربعاء، 6 أغسطس 2008
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)